Tuesday, July 14, 2009

الإسراء والمعراج

بِسْـمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله رب العالمين
ما منْ يومٍ إلا والجليل سبحانه وتعالى ينادي عبده فيقول
عبدي ما أنصفتني ، أذكركَ وتنساني ، وأدعوكَ إليَّ وتذهبُ إلى غيري ، وأُذهِبُ عنك البلايا وأنت مُعتَكِفٌ على الخطايا
عبدي : ماذا تقــول غداً إذا جئتني ، خلقتُ الأشياءَ كلَّها من أجلك وخلقتُك من أجلي ، فاشتغلتَ بما خلقتُه لك عني ، فإذا اشتغلت بالنعمة عن المُنعِمِ ، وبالعطية عن المُعطي ، فما أديتَ شكرَ نعمتي ، ولا رَعَيت حُرمتي ، فكل نِعمةٍ شغَلَتْك عني فهي نِقمة ، وكلُّ عطيةٍ ألهَتْك عني فهي بلية
وأشهد أن لا إله إلا أنتَ وحدك لا شريك لك ، لك العبادةُ ، وإليكَ التوجُّه ومنك الخشية وعليك الاعتمادُ ، لا احتكامَ إلا إليك ، ولا سُلطان إلا لشريعتك ، ولا اهتداء إلا بهداك
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، سيدي يا رسول الله صلي الله عليه وسلم
سَرَيت من حَرمٍ ليلاً إلى حَـــرم كما سَرى البدرُ في داجٍ من الظلـمِ
وبتَّ ترقى إلى أن نِلتَ منزلـــةً من قابِ قوسين لم تُدركْ ولم تُـرَمِ
وقدَّمتك جميعُ الأنبياء بـــهـا والرُسْلِ تقديمَ مخدومٍ على خَــدَمِ
فَجَلَّ مقدارُ ما ولّيْتَ مــن رُتَـبٍ وعزَّ إدراكُ ما وُلِّيتَ من نِعَــــمِ
***
اللهم صلِي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين
وبعد عباد الله
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ، وأحثكم على طاعته ، وأستفتح بالذي هو خير
اللهـم إليــك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يــا أرحم الراحميــن ، أنت ربُّ المستضعفين وأنت ربِّي ، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني ، أم إلى عدوٍّ ملكتــه أمري ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولك العتبى حتى ترضى ، ولكن عافيتَـك هي أوسعُ لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزل بي غضبك أو يحلَّ عليَّ سخطك ، ولا حول ولا وقوة إلا بك
كان هذا دعاء النبي صلوات الله وسلامه عليه ، في الطائف ، وقد خرج إلى أهلها ، يلتمس هدايتَهــم ونصرَتَهم ، فردُّوا دعوته رداً منكراً ، وأغلظوا له في القول ، وأغرَوا به سُفهاءهم ، يصيحون به
ولقد جاءه جبريل عليه السلام ـ فيما رواه الشيخان عن عائشة ـ يعرض عليه أن يُطْبِقَ على هؤلاء الجبلين ، فقال قولةً عبَّرت عن رحمته الفياضة ، وعن خُلُقه العظيم : لا يا أخي ، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون ، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحِّد الله
أيها الإخوة ، إن الشكوى إلى الله من أجلَّ مظاهر العبودية ، والضراعة إليه من أعظم القربات ، وكانت خديجة صدِّيقة النساء التي حَنَتْ عليه ساعة العُسرة والتي واسَتْهُ في أيام الشدَّة بنفسها ومالها ، قد توفيت ، وكان عمُّه أبو طالب ، الذي أظهر من النُبْلِ في كفالته ، ومن البطولة في الدفاع عنه الشيء الكثير قد توفي أيضاً ، وقد نالت قريش من النبي بعد وفاة عمِّه ما لم تنل منه في أي وقت مضى ، وجاء ردُّ سادة ثقيف في الطائف وسفهائهم جافياً قاسياً ، فكان العام العاشر من البعثة ،
بحقٍ عام الحزن فقد تحمل النبي صلوات الله وسلامه عليه فيه من الشدائد ما لا يحتمله بشر على الإطلاق إلا أن يكون نبياً
وكانت معجزة الإسراء والمعراج ، وهو حدث ضخم من أحداث الدعوة الإسلامية سبقته البعثة، وجاءت من بعده الهجرة ، لقد كان مسحاً لجراح الماضي ، وتثبيتاً لقلب النبي ، وتطميناً للمستقبل ، وتعويضاً عن جفوة الأرض بحفاوة السماء ، وعن قسوة الناس بتكريم الملأ الأعلى ، وإشعاراً له أن الله معه ، بالرعاية والعناية ، وتكريماً له فريداً من دون الأنبياء، وتعريفاً له بأنه سيد ولد آدم ، وسيد الأنبياء والمرسلين ، وإراءةً له لملكوت الأرض والسماوات ، ولِما تؤول إليه الخلائق بعد الممات
إخوة الإيمان في كل مكان ، كلُّ ذكرى من ذكرياتنا العطرة فيها دلالات كُبرى ، ومناراتٌ جُلَّى ومواعظُ بليغة ، وليستِ العبرةُ في ذِكر الوقائع والتفصيلات ، لمجرد الذكرِ أو التعرف ، ولكنَّ العبرةَ في أن نستنبط من هده الأحداث الدروس والعِبر حيثُ تكون هذه الدروس والعبر نوراً نهتدي به في طريقنا إلى الله ، ومشعلاً ، وضاءً نستضيءُ به في دروب الدعوة إليه
ودروسُ الإسراء والمعراج ، أكثرُ من أن تُحصى ، وأجلُّ من أن تُستقصى
إنها تعلِّمنا أن الدنيا دارُ التواء ، لا دارُ استواء ، ومنزل ترح لا منزلُ فرح ، وأن من عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، وأن الله قد جعلها دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاءَ الدنيا لعطاء الآخرة سبباً ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي
إن دروس الإسراء والمعراج تُعلمنا أن للمحن والمصائب حِكَماً جَليلة ، منها أنها تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى ، وتُلبسهم رداءَ العُبودية ، وتُلجئهم إلى طلب العون من الله
إنها تُعلِّمنا أنَّه لا ينبغي أن تَصدَّنا المحن والعقبات ، عن متابعة السير في استقامة وثبات
إنها تُعلِّمنا أنَّه ما دام الله هو الآمر ، فلا شكَّ أنه هو الضامن والحافظ والناصر
إنها تُعلِّمنا أنه لولا الجهادُ والصبر ، ما عُبِدَ الله في الأرض ، ولا انتشر الإسلام في الخافقين ، ولا قُمنا في هذا المكان ، وعلى أمواج الأثير نوحِّدُ الله ونُسبِّحه ، وندعو إليه
* إنها تُعلِّمنا أن اليسر مع العُسر ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب
وإنَّ من أجلِّ دروس الإسراء والمعراج ، أنَّ الله تعالى ، كــرَّم النبي صلى الله عليه وسلم بالعروج إليه لينال به أعلى درجات القُربات ، وكرَّم أمَّته بأن فرَضَ عليهم الصلوات ، لتكون معراجهم إلى ربِّ الأرض والسماوات ، لقد فرضت الصلاة التي هي من أجل القرب في أعلى مستويات القرب
لقد فُرضت الصلاة وحياً مباشراً ، والنبي صلى الله عليه وسلم في سِدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، بعد أن دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى
إنَّ من أجلِّ دروس الإسراء والمعراج ، أنَّ الصلاة عمادُ الدين ، فمن أقامها فقد أقام الدين ، ومن هدمها فقد هدم الدين ، فجوهر الدين اتصال بالخالق ، وإحسانٌ إلى المخلوق ، فلو لم يكن هذا الاتصال ، أو انقطع بعد أن كان ، أو أصبح اتصالاً شكلياً أجوفَ ، كان التفلُّت من قواعد الشرع والإساءة إلى كلِّ الخلق
فالناس إما شقيٌّ أو سعيد ، أي مقطوعٌ عن الله ، متفلِّت من أوامره ، مسيء إلى خلقه ، أو موصولٌ بالله بالشرع ، منضبطٌ محسنٌ إلى الخلق، وفي الصلاة يرقى مِن حالٍ إلى حال ، ومن منزلة إلى منزلة ومن مقام إلى مقام ، ومن رؤيةٍ إلى رؤيةٍ ، إنها ترقى بالمصلي من عالم المادة إلى عالم القيم ، ومن عالم الأوهام إلى عالم الحقائق ، ومن سفاسف الأمور إلى معاليها ، ومن مرتبة مدافعة التدني إلى مرتبة متابعة الترقي ، ومن التمرغ في وحول الشهوات إلى التقلب في جنَّات القربات
فالصلاة ذكرٌ ، قال تعالى (إِنّنِيَ أَنَا اللّهُ لآ إِلَـَهَ إِلآ أَنَاْ فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصّلاَةَ لِذِكْرِيَ) سورة طه
والصلاة قرب ،
قال تعالى (كَلاّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب *19* )سورة العلق
والصلاة خشوع ، قال تعالى
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *1* الّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ*2* ....سورة المؤمنون
والصلاة مناجاةٌ ،
قال عليه الصلاة والسلام : ((المصلي يناجي ربه ، ولو يعلم المصلي من يناجي ما التفت)) والصلاة وعيٌ
قال تعالى يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ حَتّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتّىَ تَغْتَسِلُواْ
[سورة النساء آية 43]

والصلاة عقلٌ ، قال عليه الصلاة والسلام : ((ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها))
[إتحاف السادة المتقين ، للزبيدي 45/123
بل هي عروجٌ إلى الله ، قال عليه الصلاة والسلام : ((الصلاة معراج المؤمن))ولن تكون الصلاةُ ذكراً ، وقرباً ، وخشوعاً ، ومناجاةً ، ووعياً ، وعقلاً ، وعروجاً إلا إذا بُنيت على معرفة الله ،
والاستقامة على أمره ، واتباع سُنَّة نبيه ، فكيف تذكر ، وتناجي من لا تعرفه ، أم كيف تتقرب ممن تعصي أمره ، إن الجهل مانعٌ ، والمعصية حجابٌ ؛ فالتفكر في خلق السماوات والأرض يُعَرِّفك بمن تذكره وتناجيه ، فيزول المانع والتوبة النصوح تهدم كلَّ شيء قبلها ، فيمزَّقُ الحجاب والعمل الصالح يُسَرِّعُ الخُطى إلى الله ، ويرفع الدرجات عنده ،
قال تعالى فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا
[سورة الكهف آية 110]

لذلك تُعدُّ الصلاة ميزاناً دقيقاً لمعرفتك بالله ، ولاستقامتك على أمره ، ولعملك الصالح ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثلُ الصلاة المكتوبة ، كالميزان ، فمن أوفى استوفى)) (رواه الإمام أحمد في مسنده)
أي فمن أوفى صلاته
شروطها ، استوفى منها ثمارها التي وعد الله بها
ولكن ما ثمارها لماذا فرضت ؟ ما الحكمة منها ؟ ما الغاية من فرضها ؟ما ثمارها ؟ ‍‍! ... إنها تُطهّر نفس المصلي ، من النزوات الشريرة والشهوات المنحرفة ، والأمراض النفسية المهلكة ، فالنفس التي تشتهي المحرَّمات ، وتستهوي البدع ، لهي نفسٌ مريضة ، والصلاة ـ كما أرادها الله تعالى ـ دواؤها وشفاؤها ، إنها تنهي صاحبها نهياً ذاتياً عن الفحشاء والمنكر ، على أساس الوازع الداخلي ، لا على أساس الرادع الخارجي ، قال تعالى
ان الصلوة تنهي عن الفحشاء والمنكرولذكر الله أكبر
[سورة العنكبوت]
وقد أشار بعض العلماء إلى أن الذكر هو أكبرُ ما في الصلاة أخذاً من
قوله تعالى (وَأَقِمِ الصّلاَةَ لِذِكْرِيَ ) سورة طه
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ، هذه الوظيفة الأساسية للصلاة ، فقال فيما رواه البخاري ومسلم
((أرأيتم لو أنَّ نهَراً بباب أحدكم يغتسل منه في اليوم خمسَ مرَّات هل يبقى عليه من درن ؟ قالوا لا ، لا يبقى عليه من درنه شيء ،
قال فذلك مَثَل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا
وفضلاً عن أن الصلاة طهور ، فهي نور المؤمن ، كما قال عليه الصلاة والسلام
((يرى به الحق حقاً فيتبعُه ، والباطل باطلاً فيجتنبه)) .
قال تعالى
[سورة الأنعام]
أو من كان ميتا فأحينيه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمت ليس بخارج منها
وقال تعالى :
يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الّذِي يُصَلّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً
[سورة الأحزاب]

فكل عمل صالح ، أو طالح وراءه رؤيةٌ صحيحةٌ أو منحرفة ، ولن يستقيم العمل ، ولن يطيب
، حتى يستنير صاحبه بنور الله
وفضلاً عن أن الصلاة طَهور ونور ، إنها تبعثُ في النفس السرور ، فالقلب لا يطمئن ، والنفس لا تَسعد إلا بها
، قال تعالى وَأَقِمِ الصّلاَةَ لِذِكْرِيَ سورة طه
* (الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ )* (سورة الرعد آية 28)
وقد قال صلوات الله عليه : ((... وجُعِلَتْ قرةُ عيني في الصلاة))[أخرجه النسائي وأحمد
((.. ولا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تَبعاً لما جئت به))
إن الإنسان المنقطع عن الله ، شديد الهلع ، كثير الجزع ، لكن المصلي معافى من هذا الضعف
قال تعالى
إِنّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً*19 * إِذَا مَسّهُ الشّرّ جَزُوعاً *20* وَإِذَا مَسّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً *21* إِلاّ الْمُصَلّينَ*22*
(سورة المعارج)
ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا حز به أمرٌ بادر إلى الصلاة
وكان يقول : ((أرحنا بها يا بلال)) أخرجه أبو داود بلفظ يَا بِلالُ أَقِمِ الصَّلاةَ أَرِحْنَا بِهَا
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها ، قالت : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحدثنا ونحدِّثه ، فإذا حضرت الصلاة فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه
ورضي الله عن سيدنا سعد بن أبي وقاص ، إذ يقول : " ثلاثة أنا فيهنَّ رجل ، وفيما سوى ذلــك فأنا واحدٌ من الناس ؛ ما سمعت حديثاً من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا علمت أنه حقٌّ من الله تعالى ، ولا صليت صلاةً فشُغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ولا سِرت في جنازةٍ ، فحدثتُ نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف عنها " وصفوة القول
، ما ورد في الحديث القدسي الذي رواه الديلمي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل : ((ليس كلُّ مصلٍ يصلي ، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي وكفَّ شهواته عن محارمي ، ولم يُصرَّ على معصيتي ، وأطعم الجائع وكسا العريان ، ورحم المصاب ، وآوى الغــريب ، كلُّ ذلك لي ، وعزتي وجلالي إن نورَ وجهه لأضوأ عندي من نور الشمس ، على أن أجعل الجهالة له حلماً ، والظملةَ نوراً ، يدعوني فألبيه ، ويسألني فأعطيه ويقسم عليَّ فأبرُّه ، أكلأه بقربي ، واستحفظه ملائكتي ، مثله عندي كمثل الفردوس، لا يُمسُّ ثمرها ولا يتغير حالها

فالصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، وسيدة القربات ، وغرَّةُ الطاعات ومعراج المؤمن إلى ربِّ الأرض والسماوات ، وهي الركن الوحيد المتكرر ، من أركان الإسلام ، الذي لا يسقط بحال ، إنها أسُّ العبادات ، وأصل القربات ، ومبدأ الطاعات ، وهي ركن الأركان ، وأساس البنيان ، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة ، ولا يُفلح المؤمن إلا بها ، قال تعالى
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *1* الّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ*2* ....
سورة المؤمنون
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً
والحمد لله رب العالمين

الخطبة الإذاعية "07" بتاريخ 18/ 03/ 1988 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
الموضوع : الإسراء والمعراج .
تفريغ : الأستاذ هشام قدسي .
التدقيق : الأستاذ محمد موسى حلوم والسيد أحمد مالك .
التنقيح النهائي : المهندس غسان السراقبي

يكمل بأذن مع باقي الخطبه الثانيه